قلت لها يومااا
تعودت أن ألقاك على قارعة الطريق فوق الرصيف تفترشين برودة الشتاء
وتلتحفين صقيع السماء .. ما غير اليوم بالأمس وما الجديد في هذا المساء
تنهدت بحرقة ثم دمعت عيناها بغزارة أمطار الخريف طأطأت رأسها
وهي تحاول أن تخفي حقيقة أمرها ...
رفعت رأسها ثم قالت والله ياعم بعد وفاة والدي ووالدتي في حادث المرور
لم أجد الخبزة الحلال عند أولاد الحلال طرقت كل الأبواب زرت كل الجمعيات
بحثت عن شغل رغم صغر سني في كل المحلات ..
كثيرة هي المساومات .. أن أتحلل من عرضي من شرفي من وصية أبي
ولهفة أمي وهي توصيني خيراا بإخوتي ..
الكل ياعم يريدون نهش لحمي وتشويه سمعتي
هربت إلى كل الأركان الكل خذلني ..
الكل رماني واستصغرني ..
الكل حقرني لصغري ...
وقلة حيلتي ..
يا عم رضيت بالبرد وبالصقيع وبالمرض ... المهم أن أبقى واقفة
أن أبقى أنا .. أنا ..
أن أوفي بوعدي لحبيبة قلبي .. لأمي ...
يا عم كما أنت ترى ... تعبت ويئست واليوم قررت أن أتمرد على أنوثتي
أن أطعم إخوتي مرارة الرغيف ...
لايهم كيف .. ؟؟؟ أو من أين .. ؟؟؟
ما يهمني يا عم أن أسكت جوع إخوة لي صغاراا
لم يرحمهم قرب القريب ولا قساوة الشارد البعيد
ياعم ...
والله ياعم لم يلمسني بشر لكن إخوتي جياع ...
فما العمل .. ؟؟؟
يا عم .... !!!!
لم تكملها حتى انهارت قواي امامها ووقعت من طولي على الأرض
من هول ما سمعت ..
عجبااا أيحدث هذا في مجتمع يرفع فيه الآذان خمس مرات في اليوم
لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
مددت اليها يدي
وقلت لها هيا ابنتي من اليوم انت وإخوتك ملزمون مني ..
مثلكم مثل ابنائي ومشيت معها في اتجاه البيت ..
حكيت قصتها الى زوجتي وابنائي
قبل الجميع بهم معنا عشنا ووسع الله لنا في الرزق من يوم دخولهم بيتنا
كل هذا المشهد مر أمامي وكأنه البارحة نظرت إليها
وهي تتسلم شهادة الدكتوراء من عميد الجامعة
قرأت إهداءها قبل خروجها والدموع تنهمر على وجنتيها
إلى روح والدي الذي رحل وتركني ....
الى والدي الذي حماني ورباني وآواني
إليك أنت وأشارت إلي ...
الى والدي الذي لولى الله ثم تدخله لتشردت
الى والدي أهدي هذه الشهادة
من شدة فرحي بها
لم افق الا وانا في المستشفى
والكل حولي جالسون
فتحت عيناي فوجدتها تنظر الي بلهفة
اسعدتني فرحتها
قبلتها من جبينها وباركت لها
تفوقهااااا